Abstract:
يعدّ تأسيس المحكمة الجنائية الدولية الحدث الذي راود ضحايا الجرائم الدولية، ولكن اعتراف نظامها الأساسي بصلاحيات لمجلس الأمن ضمن نظامها الإجرائي أثار تحفّظ العديد من الدول والمنظمات غير الحكومية. يعود سبب ذلك إلى تخوّفها من انعكاس الاعتبارات السياسية لأعضاء المجلس على ممارسته لسلطة الإحالة، خاصة أنّ قراراته تؤدي إلى توسيع الاختصاص الشخصي للمحكمة، وهو ما وقع فعلا في قضيتي دارفور وليبيا ولم يحدث في قضايا أخرى متقاربة الأوضاع معها. ويعدّ عدم تعاون الدول مع المحكمة بعد الإحالة العائق الرئيسي الذي يحدّ من فعاليتها، ومن دون المجلس لا يمكن لها أن تتّخذ تدابير قمعية لإجبار هذه الدول على ذلك، وهو ما لم يقوم به في القضايا التي عرضها عليها. وإذا كانت السلطات المقرّرة للمجلس في المادتين (13) و(87) النظام الأساسي تبعث الأمل في مساعدة المحكمة على تنشيط اختصاصها بشكل فعلي وفعال، فإنّ ما تقرّره المادة (16) وما جاء به مشروع تعديل هذا النظام سيضع المحكمة تحت تصرفه، ويعيد النظر في استقلاليتها ويجعلها في حالة عدم الوجود