Abstract:
تعالج الورقة البحثية موضوع حق الشعوب في تقرير مصيرها باعتباره من أهم مبادئ القانون الدولي المعاصر الذي أثار الجدال و النقاش بين فقهاء القانون الدولي في مختلف الجوانب القانونية، و مدى مساهمة و تأثير الاعتراف الدولي في تحقيق الشعوب لذلك الحق، فقد أضحى مبدأ تقرير المصير قاعدة قانونية لا تخلو منه أي اتفاقية دولية لحقوق الإنسان و ذلك راجع إلى جهود العديد من المنظمات الدولية العالمية و الإقليمية في سبيل إرساء هذا الحق على الميدان، و على رأسها منظمة الأمم المتحدة بمختلف قراراتها.
اصطدم مفهوم هذا الحق بواقع الأقليات العرقية او الدينية التي تطالب بالانفصال تحت طائلة هذا المبدأ الذي تعتبره القوانين الداخلية للدول متعارض مع مبدأ دولي أخر يتمثل في سيادة الدول على إقليمها و بالتالي تتحجج به لقمع هذه الحركات الانفصالية التي تطالب بحقها في تقرير المصير و الاستقلال، و هذا ما ساهم في تعددت وسائل تحقيق الشعوب لهذا الحق بين الوسائل السلمية كالاستفتاء و الاتفاق، او عن طريق اللجوء إلى الكفاح المسلح في حالة تعذر وجود ظروف سلمية و قمع لممارسة هذا الحق.
رغم كل هذا الجدال و النقاش بين فقهاء القانون الدولي، إلا أن تقرير مصير شعب معين لن يرى النور ما لم يلقى اعتراف دوليا يعطيه مشروعية الدخول في المجتمع الدولي، أين نجد أن هذا العنصر (الاعتراف) يتعلق كثيرا برجعيات سياسية و إيديولوجية و اقتصادية للدول مما يعطيه ازدواجية و المصلحية في التعامل مع قضايا الشعوب المطالبة بحقها في تقرير المصير، و هذا ما تجلى في العديد من القضايا الدولية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تمكن كل كم كوسوفو و جنوب السودان من تحقيق استقلالهما عبر حقهم في تقرير المصير، فيما لقى كل من الأكراد و كتالونيا معارضة دولية بخصوص مطالبهم بتقرير المصير المتجذرة عبر التاريخ رغم توفر نفس ظروف و عوامل استقلال كل من جنوب السودان و كوسوفو.