Abstract:
أثناء دراستنا لسلطات المحكم في القانون الجزائري و القانون النّموذجي للأمم المتحدة نجد أنّ كليهما كرّس مبدأ سلطان الإرادة وهو المبدأ المسلّم به من غالبية الفقه والقضاء وإن كان مبدأ سلطان الإرادة لا يستغنى عنه في اتخاذ التّحكيم كطريق لحل النّزاع حق للمحتكمين، فلا يمكن استبعاده من تطبيقه على الخصومة التحكيمية سواء في الجانب الإجرائي أو الموضوعي، وحاولت سد الفراغ القانوني الذي يصطدم به المحكم بمجرد سيره في الخصومة التحكيمية حيث خولت له سلطات سواء من الناحية الإجرائية والموضوعية وذلك بهدف الوصول إلى حكم تحكيمي يبت في النّزاع المعروض، حيث خولت له سلطة إدارة الخصومة والبحث عن القواعد القانونية في حالة غياب إرادة الأطراف أو استبعاد القواعد المعينة من قبلهم.
أنّ المشرع خوفا من انحراف هيئة التحكيم في استعمال سلطاتها ألزم بدوره احترام مجموعة من المبادئ قبل أن يصدر قراره التّحكيمي، وما يمكن الإشارة إليه أنّ المشرع أثناء وضعه للأحكام الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي أشار، بصفة ضمنية لبعض العناصر كلغة ومكان التحكيم وإدارة الخصومة، وهذا على خلاف التشريعات المقارنة التي فصلت في المسألة بصفة صريحة ،ومثالها التشريع المصري، ولعل السبب في ذلك الموقف المتذبذب اتجاه التحكيم التجاري الدّولي.
وإذا كان سلطان الإرادة المسلم به في فقه التحكيم التجاري الدولي حق للأطراف النزاع ،فيمكن للأحد المحتكيمن أن يتعسف في استعماله، فيقوم بتفنيد اتفاق التحكيم وما ينجر عنه من اختصاص المحكم، وأمام هذا الخطر الذي يهدد اختصاص المحكمة التحكيمية ونظام التحكيم، منحت للمحكم سلطة الفصل في اختصاصه ما يعرف بمبدأ الاختصاص بالاختصاص تفاديا من الرجوع إلى القضاء الوطني.
باعتبار أنّ المحكم يفتقد سلطة الجبر التي يتمتع بها القاضي الوطني خولّ له المشرّع سلطة طلب المساعدة القضائية والأمر بتدابير احترازية ومؤقتة إذا ما استدعى الآمر ذلك.إلا