Abstract:
تعد جريمة شهادة الزور من الظواهر التي انتشرت بشكل لافت في المجتمع الجزائري، خاصة أمام الجهات القضائية، حيث أصبحت تهدد مصداقية العدالة وتؤثر سلبا على سير المحاكمات وكشف الحقيقة. فالشاهد الذي يفترض أن يكون أداة لإظهار الحقيقة، قد يتحول إلى وسيلة لتضليل القضاء نتيجة دوافع شخصية أو ضغوط خارجية أو مقابل منفعة مادية.
نظرا لاستفحال هذه الظاهرة وتزايدها بشكل ملحوظ، لم يقف المشرع الجزائري مكتوف الأيدي بل سارع إلى التصدي لها من خلال تجريمها في نصوص قانونية صريحة ضمن قانون العقوبات الأمر رقم 66-155 سابقا، غير أن تزايد خطورتها وتوسع أثارها دفع إلى تخصيص قانون مستقل لها وهو القانون 24-02 المتعلق بمكافحة التزوير واستعمال المزور، الذي جاء أكثر تفصيلا وتشددا في العقوبات، خاصة إذا ارتكبت شهادة الزور أمام الجهات القضائية أو في قضايا تمس امن الدولة أم الأفراد.
كما أدرك المشرع أن تجريم الفعل وحده لا يكفي بذلك، لذلك أرفق هذا التجريم بجملة من الضمانات الإجرائية التي تسمح بكشف هذه الجريمة والحد من أثارها، مثل سلطة القاضي في استدعاء الشاهد من جديد وحق الأطراف في طلب مسائلته عند التناقض وغيرها من الآليات التي من شانها تعزيز مصداقية الشهادة وحماية نزاهة القضاء.