الأوبئة والأمراض في عُمان بين التوثيق والاغفال ( 13 – 14هـ/ 19 – 20م): دراسة تاريخية تحليلية
Epidemics and diseases in Oman between documentation and neglect (13th–14th AH / 19th–20th CE): A Historical and analytical study
Résumé
تسعى هذه الدراسة لتناول الأوبئة والأمراض التي شهدتها عُمان خلال الفترة بين القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/ التاسع عشر والعشرين الميلاديين، كما تهدف الدراسة للكشف عن الظروف الصحية والمعاشية ودورها في انتشار الأوبئة وكيف تعامل السكان مع الأمراض التي انتشرت في عُمان، كذلك تهدف الدراسة لتناول الوسائل والطرق التي استخدمها السكان للوقاية والعلاج من الأوبئة والأمراض، ويعالج البحث إشكالية قائمة تتمثل في عدم وجود دراسات تتناول هذه الفترة، مما يوجد فجوة في تاريخ عُمان تتعلق بالأمراض والأوبئة التي انتشرت، خاصة وأن المدونات المحلية لم تسجل تلك الإشارات، وبقي الاعتماد الأكبر على التقارير الأجنبية، وكتب الرحالة التي تزور المنطقة على الرغم مما بها من مأخذ، كما أن إهمال الكتابة عن الأمراض والأوبئة في عُمان هو جزء من إهمال الكتابة في باقي مناحي التاريخ السياسي والحضاري في عمان، فإن الباحث في هذه الجوانب يجد فجوة كبيرة، ويعود سبب ذلك أن العمانيين اعتنوا بشكل كبير قي كتابتهم للحديث عن علوم القرآن والتفسير والفقه دون الالتفات إلى الجوانب الحضارية الأخرى. تقوم الدراسة على المنهج التاريخي القائم على رصد الأوبئة والأمراض التي انتشرت في عُمان خلال الفترة المشار لها، كما توظف الدراسة المنهج الاستقرائي في جمع المادة واستقراء دلالات ذلك من خلال التحليل والمقارنة، ويعود السبب في استخدام المنهج الاستقرائي إلى قلة المادة المكتوبة في هذا الجانب. وقد تضمن البحث الأوبئة والأمراض التي انتشرت في عُمان، وقد عالج البحث في هذا الجانب تلك الأمراض والأوبئة وسبب الانتشار في عمان مثل الموقع الجغرافي والقرب من مراكز التجمعات السكانية في آسيا وأفريقيا، وأن هذا القرب مع وجود تجارة مزدهرة وخبرة ملاحية ساهما في ذلك الانتشار، كما تضمن البحث الحديث عن مؤلفات علماء المسلمين في الأوبئة والأمراض وأوائل تلك المؤلفات، كما تناول البحث الحديث عن أشهر الأوبئة والأمراض التي انتشرت في عمان مثل الطاعون، والذي يعد من أكثر الأوبئة التي تفتك بالإنسان، وقد كانت الإشارة لانتشاره في عمان مقيدة ضمن بعض المخطوطات، حيث أشارت أنه موجات انتشاره تتزامن مع انتشاره في باقي أنحاء الجزيرة العربية وبلام الشام، كما تناول البحث بالإشارة إلى مرض آخر وهو الجدري والذي حصد أرواحاً كثيرة في عمان، وقد قيدت كتب الفقه العديد من التقييدات عن المرض وانتشاره في عمان، كما انتشر مرض الكوليرا في عمان متزامنا مع أمراض أخرى مثل الملاريا، ويعود سبب قرب عمان من الموطن الأصلي للمرض في الهند سببا في انتشاره في عمان، وقد انتشر المرض في عمان في فترات مختلفة خاصة في المناطق الساحلية الشمالية والجنوبية، كما انتشرت أمراض أخرى في عمان مثل أمراض العيون والجلد، وقد سعى الأطباء العمانيين وخاصة في القرن العاشر الهجري إلى محاولات لعلاج بعض الأمراض عن طريق تحضير بعض العقاقير الطبية المستخرجة من الأعشاب، وقد تنوعت طرق العلاج بين عزل المريض، وإعطاءه بعض الوصفات المجربة، وقد سجلت المصادر إصابة عدد من العمانيين من القضاة والولاة بهذه الأمراض، كما أن بعض الزائرين لعمان خلال أوائل القرن العشرين أصيب بالمرض، وأظهر البحث الكثير من الحقائق، المتعلقة بالأمراض وفترات انتشارها، والمناطق التي انتشرت بها، وما خلفته من آثار على السكان، ومن أبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة يتمثل في انتشار عدد من الأمراض والأوبئة مثل الطاعون والجدري والكوليرا وغيرها، و تعددت العوامل والأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الأوبئة، مثل الموقع الجغرافي، وكونها مركز تجاري مهم، ومركز لتجارة الترانزيت، كما أن تلك الأوبئة والأمراض أودت بحياة عدد كبير من السكان، فكانت تلك الأمراض تحصد أرواح المئات من السكان، وهذه الأوبئة كانت في بعض الأحيان امتداد للأوبئة التي انتشرت في البلاد الإسلامية والمناطق الأخرى التي لها صلات بعُمان، كما أظهر البحث إشارات المصادر المحلية وإن كانت قليلة إلى عدد ممن أصيب بتلك الأمراض، كما أظهر البحث أهمية الاعتماد على المصادر الأجنبية وكتب الرحالة على ما بها من مآخذ بعد اخضاعها للمنهج العلمي، حيث أنها سجلت جوانب مهمة تتعلق بتلك الأمراض وانتشارها.